الاستثمار في البورصة

هذا المقال كتب بواسطة المحللة الاقتصادية : جولي منصف لطيف نادر

ما هي البورصة؟

البورصة تعتبر سوق مثل باقي الأسواق يتم فيها البيع والشراء، ولكن في البورصة لا يتم على سلع وخدمات، إنما على أوراق مالية تعرف باسم أسهم وسندات وصناديق الاستثمار. لذلك تسمى البورصة بسوق الأوراق المالية لأنه سوق منظم لبيع وشراء الأوراق المالية المقيدة بالبورصة. ولكن عمليات البيع والشراء لا تتم إلا من خلال شركات الوساطة (السمسرة) المقيدة في البورصة برخصة مسجلة.

تقوم الشركات التي تريد أن توسع نشاطها الاستثماري وتحتاج للتمويل إلى بيع جزء من أسهمها أو الاقتراض من خلال طرح نوعين من الأوراق المالية الأسهم والسندات. الأسهم تعني أنك مساهم في الشركة أي أحد شركائها، الذين لهم حق التصويت وانتخاب إدارة الشركة والقدرة على تحقيق أرباح مع توسع الشركة وارتفاع سعر سهمها. أما السندات فأنك تقرض الشركة مبلغ ما خلال فترة معينة، ومن ثم يتم استرداد المبلغ بالإضافة إلى مبلغ الفائدة الذي تم دفعه على دفعات كل فترة (3 أو 6 أو 12 شهر). ولكن في حالة امتلاكك لسند هذا يعني أنك لست مساهم أو شريك لهذه الشركة، فليس لك حق التصويت أو إدارة الشركة. إنما يعد الاستثمار في السندات أقل مخاطرة من الاستثمار في الأسهم، لأن في حالة إفلاس الشركة فيكون لأصحاب السندات أولوية في استيفاء حقوقهم ومن ثم أصحاب الأسهم.

تتحدد أسعار هذه الأوراق المالية على قانوني الطلب والعرض كباقي الأسواق. إنما يوجد عوامل أخرى لها تأثير كبير على تغير حركة أسعار أسهم الشركات أما بالانخفاض أو الارتفاع. كأداء الشركة العام، فقوة إدارة الشركة ووضعها المالي الجيد وزيادة احتمالات نمو الشركة يعزز من أسهمها. كما ايضًا يؤثر أداء القطاع الذي تعمل به الشركة وحالة الاقتصاد ككل على سعر سهمها، فكلما كان القطاع مزدهر و الاقتصاد منتعشا، كلما ارتفع أسعار الأسهم. واخيرًا، من أهم وأخطر العوامل التي تؤثر على الأسعار هي الأخبار والأحداث اليومية والإشاعات، فمن الممكن أن تؤثر أي إشاعة أو خبر حقيقي على أسعار سهم الشركة، فالأسعار في غاية الحساسية للإشاعات والأخبار اليومية.  

لماذا استثمر في البورصة، وكيف؟

يتجنب الكثير من الأشخاص الاستثمار في البورصة بسبب الصورة الدرامية الخاطئة التي ترتبط في أذهانهم عن البورصة. لكن يخفى عن كثيرين مزايا الاستثمار في البورصة، فالاستثمار في البورصة يحقق لك التنوع المطلوب في الاستثمار بمصادر دخلك. فتتيح لك البورصة أن تكون شريك لرجال الأعمال ومساعدتهم في توسيع مجالهم الاستثماري. كما أن العائد الاستثماري من البورصة إذا قام على دراسة وتحليل يكون أكبر بكثير بالمقارنة من غيره في الاستثمارات. البورصة تقدم الحماية الكاملة لمستثمريها عن طريق تسجيل ملكية السهم في شركة المقاصة أو هيئة سوق المال. وايضًا صناديق حماية المستثمر الذي يضمن  بعض الحقوق والتعويضات من خلال قواعد وقوانين خاصة  في حالة التلاعب والخيانة من جهة شركات الوساطة المالية أو الشركات المدرجة في البورصة.

فلكي تستثمر في البورصة استثمار آمن ومربح، عليك دراسة الموضوع بشكل واقعي وجاد لأنها ليست لعبة حظ ولكنها تحتاج إلى الجدية والتفكير الرشيد. قبل البدء في معرفة الخطوات التي يجب اتباعها لكي تبدأ رحلتك في الاستثمار في البورصة، عليك اتباع النقاط التالية الهامة. عليك معرفة وضعك المالي الحالي، ما هو دخلك ونفقتك؟ هل تم دفع كل التزماتك أو ديونك؟ من ثم حدد ما هي نفقاتك الشخصية الثابتة من دخلك ثم خصص جزء من دخلك الباقي للاستثمار. عليك التفكير في التنوع في الاستثمار “لا تضع البيض كله في سلة واحدة” فالجزء الذي حددته للاستثمار من دخلك، عليك توزيعه بين أنواع مختلفة من الاستثمارات ذات طوابع مختلفة، استثمارات ذات عائد ومخاطر منخفضة كالودائع البنكية وأخري ذات عائد ومخاطر كبيرة كالاستثمار في البورصة. وايضًا داخل الاستثمار في البورصة يجب عليك التنوع في محفظتك الاستثمارية في الأوراق المالية. دائمًا يجب أن تحتفظ بجزء من المال (سيولة نقدية) للطوارئ والأزمات الغير متوقعة. اجعل خطواتك الاستثمارية خطوات مدروسة ومعتمدة على البحث و المؤشرات المعتمدة ولا تتبع حدسك الداخلي أو أراء الآخرين. 

لكي تبدأ خطواتك نحو الاستثمار في البورصة، عليك أولًا بتحديد شركة الوساطة (السمسرة) التي ستتعامل معها،  لان التعامل والتداول بيتم من خلال هذه الشركات. فعند اختيار شركة الوساطة المالية، يجب أن تكون مرخص لها بمزاولة الوساطة من الجهات الرقابية ذات الصلة ويفضل أن تكون واحدة من الشركات القديمة ذو الخبرة والتاريخ الشاهد لها. من ثم تبدأ الشركة بأعطائك كود أو حساب مخصص لك لاستخدامه في عمليات البيع والشراء. فهكذا تبدأ بإصدار أوامر بيع أو شراء لشركة الوساطة بتحديد الكمية المطلوبة والتي تقوم بتنفيذ الأمر كما بلغ لها. ومع التطور التكنولوجي ظهرت خاصية التداول عبر الانترنت Online Trading التي من خلالها يتم التداول بواسطتك تحت إشراف شركة الوساطة. 

ما دور البورصة في الاقتصاد؟

أصبح لسوق الأوراق المالية (البورصة) تأثيرًا كبيرًا ومتزايدًا على التنمية الاقتصادية لأي اقتصاد، فلهذا تشرف عليها الدولة بذاتها ولا تتركها للأفراد وتضع لها قوانين ثابتة ومحكمة لتنظيمها. فأداء الشركات وخاصًا الشركات الكبيرة في البورصة يعطي مؤشرًا لاقتصاد البلد. فمعظم الشركات الكبيرة في أي بلد تطرح أسهمها في البورصة، وكلما كان الوضع المالي لهذه الشركات قوي ينعكس هذا على حركة أسهمها، ومن خلال متابعة حركة هذه الأسهم يعطينا مؤشر عن مدى قوة اقتصاد البلد.

البورصة تعتبر هي الاختيار الأمثل للشركات التي تحتاج الى تمويل لزيادة رأس مالها دون الحاجة إلى الاقتراض من البنوك بفوائد. فتتيح البورصة لهذه الشركات أن تبيع جزء من أسهمها مقابل مبلغ من المال لا تحتسب عليه فوائد. كما أن للبورصة دور في تحسين الدخل وزيادة الثروة. وتوفر البورصة عددًا كبيرًا من فرص العمل خاصًا للشباب داخلها وداخل الهيئات والشركات التابعة لها كشركات السمسرة الذي يساعد على تقليل البطالة وتحسين الدخل الذي له دور جيد في تحسين المستوى الاقتصادي. كما ذكرنا أن البورصة هي سوق للبيع والشراء، فله دور في زيادة الاستثمار المحلي والأجنبي في البلد الذي يؤثر على مستويات النمو الاقتصادي. تساهم البورصة في تنمية الاقتصاد من خلال تمويل المشروعات التنموية الحكومية عن طريق طرح أوراق مالية حكومية ذات أجل طويل الأمد كالسندات والأذونات التي تصدرها الخزانة، فبهذا تقترض الحكومة من الشعب لسد نفقاتها وتمويل مشروعاتها بشكل غير مباشر.