موقف السياسة النقدية من العملات الافتراضية

هذا المقال كتب بواسطة باحثة التنمية المستدامة: نوران غزاله

العملات الافتراضية الأكثر شهرة :

يعد البيتكوين اشهر العملات الافتراضية و الاكثر تداولا بينهم و التي لا يمكن رصد حركتها في السوق. يتداول الأشخاص البيتكوين عبر الانترنت و لا تخضع لنظام مركزي ليتحكم بها. فلا يمكن أن يتحكم بها البنوك المركزية كباقي العملات المتعارف عليها و لكن المتحكم الوحيد بها هو مستخدميها. و تتميز العملات الرقميه ان تبادلها يتم بسرعة أكبر و بتكلفة أقل مقارنة بباقي العملات الورقية.

يتم تحديد سعر البيتكوين وفقا لآليات العرض والطلب و تزيد نسبة العرض بنسبة ثابتة نظرا  لعمليات إنتاجها فيتحكم سعرها حسب حجم الطلب. بالاضافة الى سرعة المعاملات بالبيتكوين و التي تتمثل في مدة الاحتفاظ بها فكلما زاد قبول العملة كلما زادت سرعة التداول بها.

تنامي أسعار العملات الإفتراضية :

شهد عام 2021 نموا سريعا للعملات الافتراضية والذي يرجع إلى دخول العديد من المستثمرين الجدد إلى هذا السوق بعد التسهيلات العديدة التي طرحها البنك المركزي على أسعار الفائدة للحد من الآثار السلبية لكورونا على الاقتصاد العالمي على مدار العامين الماضيين. كما حصلت العملات الافتراضية على العديد من التصديق من قبل مؤسسات عديدة و بعض المستثمرين الكبار. ترتب علي ذلك زيادة هائلة في قيمة البيتكوين والتي وصلت إلى 300% في العام الماضي والتي تمثلت في زيادة سعر البيتكوين الى 65 الف دولار امريكي. 

الرفض الدولى لـ العملات الافتراضية :

لم تنال البيتكوين الكثير من القبول في الدول حول العالم. حيث تم حظرها من قبل ثماني دول حول العالم حيث اشاروا الى عدم قانونية استخدامها للدفع داخل هذه الدول نظرا لمخاطر تداول هذه العملة. علي الصعيد الأخر ذهب 16 دولة آخرون الى اعتبار البيتكوين مجرد سلعة تطبق عليها ضرائب وليست عمله . بالإضافة إلى 13 دولة أخرى اعتبرتها غير قانونية و يتم التعامل معها بالقوانين الخاصة بمكافحة غسيل الأموال و قوانين مكافحة تمويل الإرهاب. و ذهبت دول أخرى لتأييد البيتكوين والعملات المشابه بالاضافه الي انشاء عملات رقمية جديدة و السماح بتداولها داخل هذه الدول. ويرجع رفض هذه الدول للبتكوين نظرا لاستخدامها لتمويل الإرهاب و طلب الفدية بالإضافة إلى تجارة المخدرات عن طريق استخدام خدمات الانترنت كطريق الحرير. كما يؤثر تعدين البيتكوين تأثيرا سلبيا على البيئة فهي تعتبر عمله غير مستدامة لما يتطلبه إنتاجها من موارد فهي تسحب كم كبير من الطاقة مما يزيد من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون بالاضافه إلى مخلفات الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في عملية التعدين.

تأثير العملات الافتراضية على الاقتصاد :

اختلفت الآراء حول تأثير البيتكوين على الاقتصاد العالمي. ذهب البعض إلى اعتبار هذه العملات انها بديل مطور للعملات الورقيه المتعارف عليها و انها تشغل مكانها في وقت ما لما تتميز به من خصائص ومنها أنها تنقل السيطرة على هذا السوق من الحكومات والبنوك المركزية لمستخدميها كما أنها لا تنتمي لدولة معينة إنما هي عملة عالمية مما يسهل التعامل بها في أي مكان نظرا لمرونتها. علي الصعيد الاخر ذلك يجعل هذه العملات معرضة للمخاطر إذا تعرض الأشخاص للاحتيال فلا يوجد ضمان أو تعويض في هذه الحالة. بالإضافة لاحتمالية حدوث أي نوع من الاختراقات الالكترونية. مع وجود كل هذه المخاطر حول البيتكوين يعتبر توجيه الأموال المخصصه للاستثمار لهذه العملات يعرض الأسواق المالية للانهيار و يقلل من فرص الاستثمار الحقيقية و التي يترتب عليها العديد من فرص العمل وزيادة الناتج الحقيقي و معدلات التصدير. بالاضافه اذا تعرض الاقتصاد لركود و في حالة زيادة معدلات التضخم ينكمش دور البنوك المركزية في إدارة الأزمات لعدم قدرة السياسة النقدية على التأثير الكافي على الأسواق.

تأثير العملات الافتراضية على النقد :

تؤثر العملات الافتراضية على السياسة النقدية و الذي يتمثل في وظيفة البنك المركزي في إصدار الأوراق المالية. كما أنها ستؤثر على دوره كبنك لجميع البنوك في عملية الإشراف على الجهاز المصرفي. و من هنا يمكن القول ان العملات الافتراضيه  تشكل تحدي كبير أمام السياسة النقدية حيث يتحكم صناع السياسة النقدية بالأسواق المالية عن طريق تحديد أسعار الفائدة للتحكم في آليات العرض والطلب على العملات النقدية بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية بهدف استقرار معدلات التضخم والحفاظ على قيمه العمله لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي المرغوبة. إذا حلت العملات الافتراضية مثل البيتكوين محل الأوراق المالية سيدفع ذلك البنوك التجاريه الي اعادة الاوراق المالية الفائضة في الأسواق للبنك المركزي نظرا لإيداع الأموال مقابل بيع البيتكوين في هذه البنوك لزيادة نسبة احتياطي النقد الخاص بهم لدى البنك المركزي مما سيحد من قدرة البنك المركزي على بيع الأوراق المالية و الذي سيؤثر سلبا على قدرتها على منح الائتمان. كما أنها ستؤثر على حجم الأموال التي تدخل إلى البنوك التجارية نظرا لإيداع الأموال مقابل بيع البيتكوين في هذه البنوك و بالتالي زيادة الاحتياطي الخاص بهم في البنك المركزي و الذي سوف يدفع البنوك على زيادة الطلب على الأصول الموجودة في أسواق المال و الذي بدوره سوف يخفض من سعر الفائدة.